المدهش وحده

على ما في الفكرة من إعادة إنتاج، وهو أمر لا أستسيغه كثيرًا في سينمانا العربية، رأيت إخفاقه مرتين على الأقل في إنتاجين متأخرين، كان الأول في "عيال حبيبة"، والثاني في "حبيبي نائمًا"، وهما فيمان ابتعدا عن الإبداع كثيرًا، وخانا الفكرة التي ظهرت في الفيلمين الأصليين؛ رغم انطباعي هذا عن إعادة إنتاج أعمال سابقة، إلا أنني أرفع القبعة هنا لأحمد حلمي. أما متى أصفق إعجابًا، فعندما أشاهد ممثلاً رائعًا مثل صاحبنا يحمل فيلمًا وحده، دون وجود "السنّيد"، فقد كان هو الشخصية المحورية في الفيلم، وهو القصة كلها، وكل الممثلين معه -رغم إبداعهم في أداء أدوارهم، كالأب والأم- كانوا كالديكور المكمل للمشهد، ومع ذلك، لم أشعر باستبداد البطل أو استيلائه المجحف على الكادر، بل كانت الفردانية مستحقة وفيها كمٌّ هائل من الإبداع، يحتاج عادةً إلى أكثر من ممثل منفرد لإرساله إلى المتلقين. اللطيف في حلمي أنه إذا فاجأنا في فيلم، فإنه يدهشنا في التالي، ويصعقنا في الثالث، حتى بتنا ننتظر منه كل ما هو غير مألوف في السينما المصرية. يصلح القول أيضًا إن حلمي يلقي مع كل فيلم جديد له حجرًا كبيرًا في بركة السينما الراكدة، التي لا تفلح كل حبيبات الرمل التي ينثرها زملاؤه في هزهزة سطحها رغم هشاشته، إلا اهتزازات طفيفة يحدثها فيلم هنا أو آخر هناك. نافل القول الذي يجترّ نفسه دومًا مع كل إبداع من كون أي عمل هو حصيلة جهد جماعي لمخرج ومؤلف ومنتج وكادر كامل، هذا الكلام يمكن قوله بعد كيل المديح والثناء للإبداع المذهل للبطل، فلولا براعته وأداؤه اليرقى إلى مصافّ المبدعين الكبار، لما أمتعنا كما فعل. أضيف في هذه العجالة، التي تلامس ولا تشرح، وتضيء على ولا تضيء كل، الفيلم، أن الصدمة التي تحدثها النهاية، رغم عدم ألفتها في النهايات السعيدة الممجوجة لأفلامنا، أضافت واقعيةً ما على فكرةٍ أسطورية، كان العمل موفقًا في اختيارها.

khalid_palestine@hotmail.com