بين هيبة العلم وجاذبية السينما

الابتداء بلقطة عامة للأرض ، مع صوت ضوضاء عاااااااااااااااالي يرتفع ويرتفع ويرتفع حتى يصم أذنيك وتظن أنك فقدتها للأبد ،، لكن في الحقيقة أنت الآن متواجد في سكون الفضاء عبر تذكرة منحها لك ألفونسو كوران ، بالعلم وحده وصلت مركباتنا الى الفضاء ومن خلال السينما أصبح بإمكان الجميع ان يقضوا وقتاً هناك .
المخرج المميز توج سنوات غيابه عن السينما بفيلم سيظل مرجعا لكل صانع فيلم تجري أحداثه في الفضاء ، توظيفه الأكثر من رائع لكل التقنيات التي يكمن أستخدامها في خلق البيئة الدرامية للفيلم تجبرك على أن تبقي عينيك مفتوحة طوال التسعين دقيقة وربما فمك أيضا . يقول روبرت مكي أن كاتب السيناريو الجيد هو من يضع قواعد محددة لعالمه ثم لا يخرج عنها أبدا ، بالفعل هذا ما حدث نجح ألفونسو وجوناس كوران في كتابة السيناريو المحكم للفيلم بتعريف البيئة وقواعدها أولا حيث لا جاذبية أو أوكسجين ودرجات حرارة متقلبة بين التجمد والأحتراق ، ثم مررا كل هذا الكم من الدراما البصرية دون خرق أي من هذه القواعد أبدا ، بل تم إستغلال القواعد في التصاعد الدرامي المتوالي . الفيلم سيكون من أهم المرشحين لجائزة الأوسكار للسيناريو هذا العام فالسيناريو رائع بحق ، بداية من تعريف شخصيات الفيلم الذي تم بسلالسة شديدة وبمعلومات بينية رشيقة غير مباشرة حيث نتعرف إلى مهندسة الأجهزة الطبية التي تقوم برحتها الأولى للفضاء من خلال سقوط احد المسامير فتعتذر للطاقم بعبارة : " أعتدت أن تسقط الأشياء على أرض المستشفى " ، وإلى قائد الرحلة رائد الفضاء المتمرس من خلال ثرثرته عن حكايته عن صديقاته اللائي ينتظرن رحلاته للفضاء حتى يهربن مع أخر . العيب الوحيد في السيناريو هو لحظة الحادثة التي دمرت المركبة حيث يبقى الرائد والمهندسة ويتوفى بقية الطاقم كأن الحادثة مدبرة ليبقيان وحدهما سويا ، بعدها يستمر الفيلم بممثلين أثنين فقط وهنا يظهر مدى تملك وتحكم الكاتب من ادواته حيث يتحول سير الأحداث إلى نوع بصري كامل فلا يحرك الأحداث سوى الصورة . اختيار الممثلين كان موفقا جدا ، ميلاد جديد لساندرا بولك التي قدمت مؤخرا عدة أعمال متوسطة المستوى ، تنتقل اليوم إلى مرحلة أعلى من الأداء ، لن أنسى جورج كولني فبرغم مساحة الدور إلا أنه قدم من خلاله مشاهد ستظل عالقة في ذهن كل من شاهد الفيلم وربما نراه على منصة الأوسكار هذا العام فيلم أنصح بمشاهدته جدا 8.5 / 10