تطور برامج المقالب من الكاميرا الخفية إلى رامز واكل الجو

"اللقطات اللي واخدينها كلها طبيعية، والأبطال أنا وانتا وهي" بالطبع هذه الكلمات، مع موسيقى البرنامج الشهيرة، تعد مألوفة لدى المشاهد المصري، حيث أنها تذكره بأغنية برنامج كوميدي شهير كان يذاع في شهر رمضان كل عام منذ فترة قريبة وهو برنامج "الكاميرا الخفية". وهذا البرنامج بدء مع أستاذ الفن الراحل فؤاد المهندس في ثمانينيات القرن الماضي، واستمر حتى فترة قريبة جدا مع الفنان الجميل إبراهيم نصر والمخرج رائد لبيب. ولعل استمرار هذا البرنامج على شاشات تلفزيون مصر لسنوات يعود إلى إجباره المشاهد على الجلوس أمامه وعلى المشاهدة حتى آخر تتر النهاية، ويعود انجذاب المشاهدين له إلى عدة عوامل أولها كما توضح كلمات الأغنية أن لقطات البرنامج "طبيعية" خالية تماماً من أي تمثيل أو تصنع أو اتفاق مسبق. والأهم من ذلك أن الأبطال "أنا وانتا وهي" أي أن الأبطال هم المصريين الذين يسرون في الشارع، أو من يعملون منهم في مقهى، أو كشك سجائر، أو محل جزارة، أو أي مكان غير متوقع أن يحدث فيه مقلب لبرنامج تلفزيوني. فقد اعتاد المشاهد على أن يكون ضيوف البرامج من نخبة الفنانين وليس هو كمواطن بسيط لا علاقة له بالتلفزيون؛ ولذلك فإن المشاهد بمجرد أن يرى هذا الشخص البسيط في سلوكه ومنطق كلامه وملابسه هو بطل المقلب، فإنه يندمج مع قصته كـأنه يرى نفسه، حيث أن أبطال البرنامج(معظمهم) ينتمون إلى طبقة معينة، وبالتالي من الطبيعي أن يتفاعل نفس أصحاب تلك الطبقة ببعضهم البعض. كما أن مكان "المقلب" هو مكان عام، فهو غير مستغرب من الجميع أو خاص بطبقة معينة مثل الفنادق الكبرى التي لم يسبق للفقراء التعرف عليها، أما الأماكن العامة فهي متاحة للفقراء والأغنياء. وسبب آخر أدى إلى نجاح هذا البرنامج وهو طبيعة المقلب ذاته، فالمقلب يعتمد على تصرف غريب يثر تعجب البطل في أول الأمر،و ويظل مستمرا حتى يثير غضبه بشكل كبير، وتتركز الكوميديا في التحول المفاجئ من الغضب الشديد إلى الفرح والضحك في لحظات بعد اكتشاف البطل أنه قد وقع في فخ ظريف، وأن الأمر ليس فيه شئ من العجب أو الخطر، وبالأخص عندما يكتشف أن مفتعل المقلب ،وهو الفنان إبراهيم نصر، بأنه الفنان الكوميدي المحبوب من الجميع. وزيادة في تقدير البطل"الضحية"، فإنه يخيره بين إذاعة الحلقة أو عدم إذاعتها، وكانت معظم الردود "ذيع وخلي الناس تضحك"، لذلك استحق هذا البرنامج الجميل صفة "الكوميديا للجميع". وبالرغم من أن هذا البرنامج لم يعتمد فقط على عنصر "التحول" أي تحول البطل من السخط الشديد إلى التفاجئ الشديد عند اكتشاف المقلب، ومنه إلى السعادة والضحك، فقد اعتمد أيضا ًعلى شخصية البطل وهو كما ذكرنا المواطن العادي، وكذلك الأماكن العامة المألوفة، عناصر أخرى مثل قلة التكاليف وقلة مدة المقلب وغيرها. بالرغم من ذلك إلا أن برامج المقالب التي تعددت فيما بعد بشكل مثير للملل والإحباط من وجود أي إبداع قادم. ومثال على هذه البرامج وأشهرها هو برنامج "رامز واكل الجو" للممثل رامز جلال، والذي يذاع في الموسم الرمضاني الحالي. حيث يبدو أنه اعتمد على عنصر الغضب والدهشة والابتسامة المزيفة فقط، كعناصر يمر بها الضيف بشكل روتيني ممل لا يساعد المشاهد على الاندماج مع الحلقة والتركيز فيها، كما أن برنامجه (والبرامج الأخرى المشابهة له) خاص بالنجوم والمشاهير، فالنجم هو الضيف ومضيفه نجم أيضاً، والمواطن العادي مجرد مشاهد أو كومبارس. والأماكن التي يتم التصوير فيها شديدة الخصوصية مثل أستوديو أو فيلا النجم أو فندق. هذا بالإضافة إلى التكاليف الباهظة التي تعدت في أيامنا هذه النصف مليون جنية للحلقة الواحدة وفقاً لتقريرقناة العربية. وعلاوة على ذلك فإن رد فعل الضيف لا ينم أبداً عن أي سعادة بالمقلب، وإنما استياء مع ابتسامة مزيفة، اللهم إلا إن كان الضيف يعلم بالمقلب والمشاهد هو الضحية الحقيقية كما تردد عن بعض البرامج. على كل فمع استياء الضيف من المقلب السخيف الذي وقع فيه، يستاء المشاهد من كثرة الصراخ والسباب والعراك الذي يستمر لمعظم وقت الحلقة دون أي متعة تذكر، هذا بالإضافة إلى استياء المشاهد من كم المبالغ المدفوعة لإنتاج حلقة بهذا الكم من "الدوشة" والسخافة، فاستحقت برامج المقالب جميعها اليوم صفة" استياء للجميع". \