رسالة مهرجان أبو ظبي 4 : ديبارديو يتغلب على أوجاعه و الدبس يعود!

  • خبر
  • 12:42 مساءً - 18 اكتوبر 2010
  • 1 صورة



ديبارديو على عكازه بمساندة عيسى سيف راشد

تغلب النجم الفرنسي جيرار ديبارديو على وجعه بعد الحادث الذي تعرض له مؤخرا، وسار مساء أمس الاحد على السجادة الحمراء في ليلة فرنسية ضمن فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي بدورته الرابعة.
وتماسك ديبارديو على عكازه بمساندة عيسى سيف راشد المزروعي مدير ادارة المشاريع في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث من جهة، وبيتر سكارليت المدير التنفيذي لمهرجان ابوظبي السينمائي.
وعبر ديبارديو الذي زاد وزنه بحدود 20 كيلو غراما منذ حادث الدراجة النارية الاخير الذي تعرض له، عن سعادته ان يكون هنا "في ابوظبي".
واستمر بالحديث مع المراسلين أكثر من أي نجم سابق على السجادة الحمراء بالرغم من صعوبة استمرار وقوفه بمساعدة العكاز.
وأكد مجددا ان "المهنة تتغير والسينما مصابة بازمة ، فقد كان العمل من قبل يتم بدقة اكبر، وكانت الكاميرا انيقة وثابتة، الآن تغير الوضع او ربما انا كبرت".
ويعد جيرار ديبارديو الذي سبق وان منح المال من جيبه الخاص الى الحزب الشيوعي الفرنسي المفلس، أشهرممثل فرنسي لاهمية الادوار التي اداها.
ومثل نحو 160 فيلما، وامتلك موهبة لا محدودة، وادى دور الرجل الفرنسي المثقف والعامل وحتى المغني وكان في السبعينات المعادل الفرنسي لممثل من طراز مارلون براندو.
وتحول عرض فيلمه"بوتيش" للمخرج فرانسوا اوزون وبطولة كاترين دينوف بنوع من الاحتفاء بجيرار ديبارديو من قبل الجمهور الذي تدفق على الصالة في فندق قصر الامارات في العاصمة أبوظبي.
ويتناول فيلم "بوتيش" وهو نوع من كوميديا فرنسية ساخرة تدور احداثها في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، اجواء اضرابات ومطالبات عمالية في مصنع للمظلات تملكه عائلة ثرية، كما يعرض التحولات التي تطرأ على المجتمع الفرنسي من خلال قصة المصنع الذي باتت تديره امرأة ربة اسرة.
ويتناغم موضوع الفيلم مع ما يجري حاليا على الساحة الفرنسية، لكن رغم تأكيدات دوبارديو أنه كما ابوه لا يحبان السياسة ولا السياسيين لم يتحرج الفنان الفرنسي من تناول الموضوع بمناسبة عرضه في مهرجان ابوظبي.
ويؤدي جيرار ديبارديو في فيلم "بوتيش" الذي عرض اول مرة في مهرجانفينيسيا في ايلول/سبتمبر كما عرض في مهرجان تورنتو، دور رئيس بلدية يساري يترشح للانتخابات النيابية. لكن كاترين دونوف في دور المراة الخارجة للتو من المنزل الى ميدان العمل والسياسة وايضا استعادة قصة الحب والصداقة معه ... تتغلب عليه.
ديبارديو الذي ترك المدرسة ومنزل العائلة باكرا جدا وهو في الثالثة عشرة، وصف نفسه بانه "غجري"، وهو قدم من اصول متواضعة ليتحول الى اهم نجم في تاريخ السينما الفرنسية.

عودة نضال الدبس

من جانب أخر و بعد خمسة أعوام على إنجازه فيلماً روائياً طويلاً هو الأول له بعنوان " تحت السقف"، قدّم المخرج السوري نضال الدبس فيلمه الثاني، بعنوان " روداج". قصّة حب، أم إسقاطات سياسية وإنسانية عامّة؟ يُمكن القول إن "روداج" جمع الجانبين معاً في قراءة بصرية تُكمل مساره الدرامي والفني، من خلال البحث في العلاقة القائمة بين الصورة والحبكة. وإذا بدا "تحت السقف" مشغولاً بإيقاع هادئ ونَفَس درامي متناغم والبحث في تفاصيل الذات وأوهامها، فإن "روداج" لا يختلف كثيراً، من هذه الناحية، عمّا فعله الدبس سابقاً: بعد الدقائق الأولى للفيلم الجديد هذا (المُشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة)، وهي الدقائق التي شكّلت مدخلاً درامياً وإنذاراً إنسانياً لما يُمكن أن يحصل لاحقاً، والتي ارتكزت على إيقاع سريع على طريقة الأكشن التشويقي، بدأت رحلة الألم الذاتي والرموز المنغلقة على نفسها في إيراد مفردات تلك الحبكة الدرامية، المنطلقة من قصّة حب تقليدية لبلوغ حالة إنسانية أعمّ وأعمق.
قصّة حب تقليدية؟ نعم. ذلك أن الميكانيكي الشاب مغرم بصبية هي شقيقة مسؤول أمني رافض العلاقة هذه، على الرغم من بساطتها وجمال العشق فيها. ولأن الشاب مرتبك وقلق وخائف من السطوة القاسية للشقيق الغائب عن الصورة وإن طغى حضوره المعنوي، سقطت الأمور في اللعبة الخطرة التي صنعها القدر لهما: أثناء رحلة في الصحراء، تنقلب السيارة بهما، فيغيب هو عن الوعي لأيام، وتختفي هي عن الوجود. اختفاء عن الوجود، أم غياب مطلق، أم انزواء وهروب من العالم القاسي؟ تبقى الرموز أقوى حضوراً، في حين أن الشاب، الذي تلقّفته عائلة بدوية وأعانته على التخلّص من أوجاعه الجسدية، يلتقي رجلاً منزوياً في منزل عتيق، يتيح له تدريجاً التعرّف على ذاته وروحه وانقلاب القدر عليه. ولأن إشارات عدّة دلّت على معرفة الرجل بالصبيّة المختفية، ظلّ الشاب في المحيط الضيّق للرجل، محاولاً تحريضه على الكلام، الذي انقلب، هو أيضاً، عليه، بعد أن عرّاه أمام مرآة نفسه، في مشاهد متتابعة من الكلام والتحليل النظري والبساطة البصرية المغلّفة بكَمّ من الرموز، كالنسر ورياح الصحراء وحجارة القبور والذكريات الهائمة على وجهها.
الخوف أدّى إلى الخسارة. والقلق أفضى إلى الفقدان. والشاب التائه عن نفسه أولاً، مشغول بمعرفة حقيقة الأمور، التي تساقطت عليه، في آن واحد ودخوله عالم التفاصيل والمعرفة القاتلة. ولئن بدا نضال الدبس مهموماً بالعلاقات الإنسانية وبواقع السلطة والانتقاد المبطّن للحالات المدمِّرة، ولئن ذهب "روداج" إلى الداخل الذاتي للفرد في محاولة جدّية لتشريحه بل لتفكيكه وفهم خفاياه، فإن المخرج وفيلمه الثاني هذا شكّلا مساحة واسعة للإسقاطات الثقافية والفنية والجمالية، ومنحا المُشاهد فرصة إعادة النظر في أشياء جمّة إزاء السينما والنَفس البشرية والحكايات المختلطة للناس وأمزجتهم ودواخلهم.
لم يكن الخوف وحده محرّكاً لولوج عالم التفاصيل والحكايات المخفية. ذلك أن لقاء الميكانيكي الشاب بالرجل (الذي كان عسكرياً سابقاً) ساهم في إضفاء مسحة من التشويق والاندفاع إلى مطاردة الأوهام التي صنعت ماضياً لهما، والأخطاء التي فتحت أمامهما حاضراً ملوّثاً بالندم والقهر والعجز عن التحرّر من وطأة هذا الماضي القاسي وفداحة الانزلاق في متاهة العبث والجنون. إنه الحبّ أيضاً، الذي اصطدم بوحشية الواقع وقدرته على محاصرة الناس الطيّبين والعاشقين والراغبين في سلام داخلي يأتيهم من العلاقة العاطفية نفسها، مثلاً. وبين الخوف والحبّ واللقاء بين الرجلين، التفّ "روداج" على أمور الحياة اليومية أيضاً، مقدّماً صورة مختصرة عن المعاني الكامنة في خفايا السلطات المتفرّقة، التي يعاني الناس قسوتها هي أيضاً، خصوصاً عندما تنزلق بهم إلى الدمار الداخلي والخراب الروحي.



تعليقات