سواق الأتوبيس بين خان والطيب

  • مقال
  • 09:03 صباحًا - 23 ابريل 2011
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
محمد خان
صورة 2 / 2:
عاطف الطيب

من المؤكد أنه هناك اختلاف بين أسلوب كل مخرج و الاخر وذلك للخلفيه السينمائيه المختلفه وتأثركل مخرج بتيار، واتجاهه لنوعيه معينه من السينما، ايضا ثقافه المخرج وتجاربه وقناعاته الشخصيه تؤثر فى طريقه عرضه للشخصيات واتجاهه لموضوعات بعينها دون الأخرى. وتميزت سينما الثمانينات بانها سينما مغايره عن السائد لثرائها بمخرجين ذوى سمات وشخصيات مختلفه، محبه لأحداث تغيير فى السينما المصريه ,فهناك الفارس الرومانسى للسينما المصريه محمد خان وايضا محامى السينما المصريه عاطف الطيب أما فيلسوف السينما فهو داوود عبدالسيد والمغامر خيرى بشاره, ويعتبر فيلم سواق الاتوبيس أحد أهم الافلام المميزه لهذه الفتره .
كنت أشعر دوما عند مشاهدتى لفيلم سواق الاتوبيس لعاطف الطيب انى أشاهد فيلم لمحمد خان، كان ذلك فى بداية انبهارى بالسينما والتعرف على اساليب مخرجيها، وعندما أنتهى الفيلم وقرأت انه من اخراج عاطف الطيب... أصابنى الحزن ليس لأنه من أخراج عاطف ولكن لأننى لم استطع التمييز بين أسلوب الأثنين، وتسألت حينها هل يقلد عاطف الطيب خان، وذلك لأحساسى بأن هذا الفيلم به شيئا يخص محمد خان وبعد ان علمت ان سيناريو الفيلم شارك فى معالجته محمد خان وأن القصه له وكانت بعنوان حطمت قيودى، تأكدت انه ترك شيئا ما من روحه فى هذا الفيلم، بالرغم انه هناك فرق بين اسلوب خان وشخصيته واسلوب عاطف وشخصيته , لكن انتابنى هذا ألأحساس من بدايه مشاهد الفيلم

سينما خان :

مشاهد الأتوبيس وركابه وسائقه، والطريق والشارع والعربات والماره هى سمه مميزه لأفلام خان ولا يكاد يخلو فيلم من افلامه من حضور الشارع والتصوير فيه، والانطلاق بين العربات والماره ويتضح ذلك بشده منذ فيلمه ألأول ضربه شمس(فنجد شخصيه شمس المصور ينطلق بموتسيكله فى شوارع القاهره وايضا مشاهد محاوله خطف خطيبته ومطاردته لهم حتى الكافيتريا التى كانت تجلس فيها شخصيه حسين الشربينى فهى تطل على الشارع والماره) وفى فيلمه طائر على الطريق الذى يتضح من أسمه أن الطريق يلعب دوراً به (ف أحمد زكى هنا سواق بيجو فنجد مشاهد لموقف البيجو وعلاقه البطل مع سائقى البيجو الاخرين ولقائاته مع شخصيه أثار الحكيم وسفره الدائم على الطريق وأيضا مشهد النهايه الرائع يأتى ايضاً بحادثه على الطريق) ويأتى الحريف وشخصيه عادل امام التى تهوى لعب كره القدم فى مباريات تقام بالشارع وتاتى نهايه الفيلم بلعب البطل لأخر مبارياته فى الشارع ونحن نسمع لهاثه ممتزجاً بحركه الكره ونبض الشارع, وايضا مشوار عمر(فالشارع والطريق والعربه الفارهه التى يمتلكها عمر تلعب دورا رئسيا فى الفيلم والنهايه بسرقه هذه العربه على الطريق) وفى فيلمه سوبر ماركت (تدور قصه جانبيه أحداثها تقع فى الشارع وبين العربات عندما يهرب لص من البوليس ويريد ان يتخلص من حقيبه النقود المسروقه يلقى بها لتقع تلك الحقيبه فى العربه التى تنقل عزال البطل ممدوح عبدالعليموتمتزج بأمتعته,والنهايه الرمزيه والمغايره تاتى ايضا فى الشارع وبين العربات فالبطل يعشق الموسيقى الكلاسيك فيدير شريط كاسيت داخل عربته لهذه الموسيقى فيمر سائق تاكسى بجواره ويقذف له بشريط كاسيت فيأخذه البطل مندهشا ويضعه فى كاسيت عربته وهنا نسمع أحمد عدويه زحمه يادنيا زحمه فتعلو ضحكات البطل سخرية وتعلو معه ضحكتنا أيضا) وفى احلام هند وكاميليا(نجد مشاهد كثيره ينطلق فيها احمد زكى بين الشوارع مع صديقه على الموتسيكل ومشاهد لتبديل العمله التى يقوم بها ومطارده البوليس له ومشاهد المشاجره التى تدور فى الشارع على انغام مايكل جاكسونوالنهايه عندما تركب هند وكاميليا مع سائق تاكسى فيعطيهم شراب مخدر ويسرق منهم الذهب والنقود ويلقى بهم على الشاطىء الذى طالما حلموا به) ففى جميع أفلام خان يظهر الشارع والطريق والعربات والركاب والماره فهى سمه اساسيه لسينما محمد خان .. مما دفع صلاح ابو سيفان يقول مازحا" يخرب بيت محمد خان خلانا ننزل الشارع " .. الشارع والاتوبيس وركابه وسائقه اول ميزه أشارت بأصبعها لخان.

اهتمام خان بمواقع التصوير المفتوحه ووضع الكاميرات فى اماكن غير معتاده واهتمامه بالتصوير الخارجى والشارع الذى هو سمه اساسيه لأفلامه جعل بعض نقاد السينما محدودى الثقافه يتهموا خان بالاهتمام بالصوره عن المحتوى، لكن الحقيقه انه يهتم بالاثنين بنفس القدر ,, يهتم بجوده الصوره السينمائيه وتكنيك الفيلم ومواقع تصويره وايضاً بشخصياته وتفاصيلها الصغيره وذلك يرجع لثقافته السينمائيه الغربيه حيث انه درس السينما فى أنجلترا وتأثر بمدارس السينما الأوربيه المختلفه خاصة الايطاليه وافلام الموجه الجديده ذات الطابع المغاير بمواقعها وطريقه التصوير وألأخراج كما أنه ينتمى لفئه سينما المؤلف حيث كثير من أفلامه تحمل توقيع خان ككاتب قصه وكثير من شخصياته تشبه هو شخصيا او اشخاص ألتقاهم فى حياته

اما ثانى شىء أشعرنى بوجود محمد خان هى تلك التفاصيل الصغيره فى العلاقه بين حسن سواق الاتوبيس وزوجته وبينه وبين كمسرى الاتوبيس تلك التفاصيل الصغيره التى توضح حميميه العلاقه او توترها هى سمه اخرى من سمات سينما محمد خان , نعم كل مخرج لابد ان يهتم بالتفاصيل الصغيره لكن تلك التفاصيل شىء اخر عند محمد خان، فهى هوايته المفضله وطريقته المثلى فى عرض شخصياته وشرح علاقتها بالاخرين فهو يفضح شخصياته عن طريق تلك التفاصيل التى يلقى لك بها و طالما وصفه نقاد السينما بأنه مخرج التفاصيل الصغيره.

سينما عاطف الطيب :

اما عاطف الطيب فهو ذو طبيعه ثوريه يجذبه الموضوع اكثر من الشخصيات فهو مهموم بالمشاكل الاجتماعيه التى تواجهنا , دائما شخصياته تتعرض لظلم أجتماعى وتاخذها الأحداث لتحارب الفساد والقهر الذى تفشى كمرض فى المجتمع ، دائما شخصياته ذات ضمير يقظ وان اخذتها عجله الحياه فسيتضح معدنها فى موقف ما، تدخل فى مواجاهات وتمر بمواقف صعبه ومحن توضح معدنها الاصيل وهنا تتضح لك شخصياته ، فالمواقف والمواجهات وتفاصيل الجو الاجتماعى هى التى تعرض شخصياته وتوضحها .. وايضا نلاحظ خلفيه البطل الوطنيه حينا والاجتماعيه حينا التى تتكشف عن طريق اصدقائه وحوار البطل معهم ولقائه بهم ، فدائما ماضى البطل الملىء بوجوه الاصدقاء والاقارب والحكايات يلعب دورا فى كشف شخصيه البطل .... ذلك يرجع أيضاً لتجارب المخرج الشخصيه، فعاطف الطيب قضى أكثر من خمس سنوات فى الجيش وفى مرحله مهمه من تاريخ مصر، وهذا ما جعل أفلامه مليئه بوجوه الأصدقاء وتجاربهم وحكاياتهم ومعاناتهم ، ففى فيلم سواق الاتوبيس ( نجد المشهد الرائع ,مشهد لقاء حسن سواق الاتوبيس باصدقائه فى الجيش تحت سفح الهرم وكأن مصر بكل حضارتها تحتضنهم وكل منهم يحكى عن ذكرياته فنستشعر بهم حب الوطن والتضحيه من أجله على انغام بلادى بلادى ) ذلك بخلاف تفاصيل الجو الاجتماعى بين حسن وأخوته وعلاقتهم بوالدهم والمواجاهات والمشاحنات بينهم, البرئ (تأتى شخصيه ممدوح عبد العليم الطالب المثقف الثورى الذى يوضح ويكشف حقائق النظام لزملائه الطلاب فيتهمه النظام بأنه شيوعى ومن اعداء الوطن ويلقى به فى المعتقل ليلتقى بالعسكرى البرىء أحمد ذكى اللى بيرفض ضربه لانه عارف انه مش من اعداء الوطن ولا يمكن انه يكون ميعرفش ربنا لانه حفظه القرأن عندما كان فى قريته فشخصيه ممدوح عبد العليم هى اللى بتفهم العسكرى البرىء احمد الحقيقه مين فعلا اعداء الوطن ومن الظالم والمظلوم وده اللى بيأدى لنهايه الفيلم وثورة العسكرى البرىء ) وفى كتيبه أعدام (نجد جميع الابطال لديهم خلفيه مشتركه وفى اخر الفيلم يتحدوا فى مواجهة الظلم) حتى ضد الحكومه (نجد شخصيه الزوجه السابقه وابنه هما اللى بيرجعوا المحامى اللى أنضم لمافيا التعوضيات لمبادئه القديمه وايضا نجد الصديقه المحاميه التى أدتها لبلبه االتى تساند البطل فى أخر الفيلم وبتغير موقفها) وايضاً فى الهروب (نجد شخصيه الظابط المحب للعداله سالم الذي يلعب دوره عبدالعزيز مخيون والمتعاطف مع شخصيه البطل الهارب منتصر الذي يلعب دوره أحمد ذكى صديق طفولته وبلدياته وفى نهايه الفيلم يلقى الاثنان نفس المصير) فالتفاصيل الاجتماعيه والتشابكات الاسريه والماضى الملىء بالأصدقاء والحكايات والمواجهات والمواقف التى يمر بها البطل، تكشف شخصيته وهى السمه المميزه لافلام عاطف الطيب ، ولذلك نجده فى فيلم سواق الاتوبيس يبدع فى مشهد لقاء حسن بأصدقائه تحت سفح الهرم ومشاهد المواجهات العائليه والمشاحنات بينه وبين أخوته وأزواجهم.

اما نهايه فيلم سواق الاتوبيس فتستحق التوقف عندها فهى نهايه رائعه وجديده على السينما المصريه وهى أكثر مشهد جعلنى أشعر بروح محمد خان فى الفيلم ، فهذه النهايه تحمل الكثير من خان بتوقيع عاطف الطيب

فهى نهايه رمزيه ولها علاقه بأولى مشاهد الفيلم عندما يسرق لص نقود سيده تركب الاتوبيس فتصرخ لتستنجد بالركاب والسائق يقفز اللص من الاتوبيس ونلاحظ فى المشهد ان السواق حسن يفرمل الاتوبيس كأنه يريد عرقلته و اللحاق به، ولكنه عندما يرى اللص يجرى فى الشارع مبتعدا بين العربات ويستعجله أحد الركاب فيتردد ويكمل طريقه، اما فى النهايه عندما يتكرر نفس مشهد اللص فهو يفرمل هذه المره الاتوبيس بل يتركه ليلحق باللص الهارب ويجرى خلفه بين العربات فى دلاله على أن عجله الحياه التى جعلته يتوقف ويتردد المره السأبقه لن تجعله يتوقف هذه المره، فهو كمن حطم قيوده وعاد لنفسه ومبادئه القديمه وهنا يمسك باللص ويكيل له اللكمات منفجرا بالغضب ، وهو يقول ياولاد الكلب وكأنه يشتم جميع من سرقوا مصر, رمزيه النهايه ونهايتها فى وسط الشارع والعربات والماره تذكرنى بمحمد خان فهو كما ذكرت نهايه معظم أفلامه تأتى على الطريق.
خان يميل الى النهايات الناعمه والرمزيه فهى تذكرنى بنهاية فيلم سوبر ماركت وأحلام هند وكاميليا اما انفجار حسن بهذا الغضب صائحا ياولاد الكلب انفجاره يذكرنى بنهايات عاطف الطيب فنهايات أفلامه أكثر حده وصراخه كلنا نذكر نهاية البرىء وانفجار أحمد سبع اليل العسكرى البرىء ممسكا برشاشه، نهاية الهروب بقتل البطل الهارب والظابط المحب للعداله، نهاية كتيبه اعدام ,نهايه ابناء وقتله والتخشيبه

ومن هنا جاءت نهاية سواق الاتوبيس تحمل رمزيه وشارع خان وانفجار عاطف الطيب

بالنسبه لى فيلم سواق الأتوبيس يحمل كثيرا من روح خان موقعا بابداع واخراج عاطف الطيب.



تعليقات