عن ساعة ونص.. الفن جمال وليس قبح

  • مقال
  • 01:28 مساءً - 8 اكتوبر 2012
  • 1 صورة



أفيش ساعة ونص

على الرغم من علمي التام بقبح الواقع الذي نعيشه حالياً، إلا انني أرفض بشدة أن يتحول أكثر ما يُسعدنا ويُدخل البهجة والسرور إلي أنفسنا إلي قبح أيضاً، ربما نجد في تسليط الضوء على مواقع الخلل في مجتمعنا الحل، لكن هذا لا يعني بالضرورة ان ننقله بنظرة قاتمة سوداء، لمجرد جذب تعاطف المشاهد مع هذا الواقع القبيح، الفن تحديداً لا يجب أن ينزلق إلي هذا الركن، الفن بكل ما تحمله الكلمة من جمال، لا يجب أن يحمل سوى جمال، لا يجب أن يحمل سوى خيال وأمل ومتعة لمُتلقيه، لذا كان من الصعب عليّ جداً باﻷمس أنْ أتحمل كم القبح والكأبة الذي قدمه صُناع فيلم ساعة ونص لجمهور القاعة الصغيرة التي لم يتعد حضورها الـ50 شخص.

الفكرة الرئيسية للعمل لا خلاف عليها، فلا اسمي من التوغل في حياة الأشخاص ورصد ملامح ضيقهم، سعادتهم، يأسهم، ضجرهم وألخ، لا اري باﻷساس سبباً أخر في حبي وتعلقي بتلك الشاشة العملاقة، سوي إنها تُدخلني عوالم وحيوات مختلفة، تجعلني في نقطة تماس مباشر مع حواديت وحكايات لبشر من لحم ودم، تجعلني أشعر بآلامهم وعذاباتهم، بسعادتهم ولحظات جنونهم، لكن أبداً لم أكن أتخيل أنْ تصلني إلي حد النفور منهم بهذا الشكل، خاصةً وأن الفيلم يرصد حادثة نالت منا جميعاً، كان يجب الاهتمام بتقديمها بشكل أفضل من ذلك.

الفيلم يتناول حادثة قطار العياط الشهيرة، بالتركيز على حياة رُكاب القطار أنفسهم، ومشاكلهم وهمومهم، المشكلة كانت في أن جميع شخوص القطار تحمل هم وكأبة غير متوقعة، كلاً له مشاكله وألامه، لكن أن يتحول الفيلم من عمل فني إلي ساعة ونصف الساعة من الندب والنواح، هو شيء غير مقبول بالمرة، سيناريو الفيلم كان مكرر وباهت لا يحمل أي نقاط قوة يمكن النفاذ منها، فكل شخصية من شخصيات الفيلم تقريباً كانت تردد نفس الكلام، أداء الممثلين لم يحمل جديداً خاصةً في ظل هذا السيناريو الباهت والمُسطح، فلا يوجد رسم واضح لشخصيات الفيلم، تشعر وكأنهم مقتطعين غير مكتملين المعالم، وباستثناء فتحي عبدالوهاب و إياد نصار، وأحياناً ماجد الكدواني و احمد صلاح السعدني فأن أداء باقي الشخصيات جاء مفتعلاً، يتصف بالتصنع أكثر، ليس لشيء في الممثلين أنفسهم لكن لسوء مستوي السيناريو ورسم الشخصيات.

كما ان هذه التخمة في أسماء النجوم التي شاركت بالفيلم، لم تساعد أيضاً، وأحيانا كثيرة كنت أشعر معها بالتشتت، كنت أفضل لو أنْ عدد النجوم أقل قليلاً لكن بشخصيات أعمق، لهم قصة أستطيع التفاعل معها والتورط بها، لا النفور من كثرة ندبها، كالشخصية التي قدمتها هالة فاخر في الفيلم مثلاً.

الطريف أنني لم أخرج من الحالة السيئة التي وجدت نفسي فيها بعد مشاهدة الفيلم، سوي في حفل إنشاد صوفي وتنورة بوكالة الغوري، وهو نفس الحفل الذي جعلني أرى الصورة بشكل أكثر وضوحاً، فرؤية الفرق بين راقص التنورة أمامي وبين أياً من صناع الفيلم، جعلني أتذكر أن أكثر ما يعطي العمل الفني _ أي عمل فني _ خصوصيته، هو الحالة التي يلقيها صاحب العمل عليه، وتتأثر هذه الحالة بمدي مصداقية صاحب العمل وإيمانه بما يُقدم، الفرق يكمن في الشغف وحب ما نفعل، راقص التنورة مثله مثل أي شخص شارك في صناعة ساعة ونصف إذا لم يحمل بداخله الحب الكافي لما يقدمه، إذا لم يتملكه الشغف الذي يجعله يرسم البسمة على وجهك، إذا لم يكن مؤمناً بشكل كافي بما يقدمه، وإذا لم يُصدقه بالشكل الكافي، لن يؤثر العمل في المُتلقي، لن يجعله يرغب في مشاهدته مرة جديدة، لن يجعله يربط نتفات من حياته بلقطات من العمل، يسترجعها كلما مر عليه موقف ما، لن يجعله يتخيل نفسه في موضع البطل، أو حتي ينصح شخص أخر بمشاهدته، ولن يجعله ببساطة، ينتشي مثلما انتشي حالياً وأنا استمتع بغناء الست.



تعليقات