العودة للحياة خارج " فيلا 69 "

  • مقال
  • 05:37 مساءً - 26 ديسمبر 2013
  • 1 صورة



أفيش فيلم فيلا 69

انتظار الموت هى منطقة رمادية بين مواجهة حتمية معه أو العودة للحياة، هكذا رفض المؤلفان محمد الحاج ومحمود عزت أن يقف المهندس حسين – خالد أبو النجا – بطل فيلمهما " فيلا 69 " فى تلك المنطقة، حيث دار صراع بين رغبة المهندس حسين فى الاستسلام لمواجهة الموت ورغبة المحيطين به فى إعادته للحياة حتى ولو كان رغماً عنه .

الفيلم أشبه بالميلودراما المسرحية، حيث تعتمد الأحداث على شخص واحد تشاركه الأحداث بعض الشخصيات المتفاوتة الحجم والتأثير فى حياته، فتبدأ الأحداث داخل فيلا 69 لتطرح حياة المهندس حسين، الذى يظهر قربه من مرحلة الستين من عمره، وهو شخص حاد المزاج لاذع الانتقاد لكل من حوله يعانى مع بداية الأحداث من حالة وحدة تبدو اختيارية وسلوكيات أشبه بما يفعله موظف احيل للمعاش، حيث يحاول حسين أن يشغل فراغه بأقل الأشياء قيمة وربما أحياناً باتفه الأشياء مثل تفرغه لاحصاء عدد مرات الدوران لجاره اللواء الذى يمارس رياضة الجرى حول منزله، كما تبدو الفيلا التى يسكنها كلاسيكية فى بناءها وأثاثها تعكس حالة الوحدة الاختيارية والرغبة فى الحفاظ عليها ربما لأنها أصل وماضى ثابت وبه استقرار يحتاج إليه حسين فى العقل الباطن للشعور ببعض الراحة، خاصة أننا مع مرور الاحداث نكتشف أن البطل كان يعيش حياة طبيعية، وكان شخصاً سوياً فى انفعالاته قبل إصابته بمرض نهايته الموت الذى ينتظره .

لذا تجد حسين تحول بفعل المرض لشخص شبه كريه لا يحتمل معاشرته، يرفض كل محاولات الغير لمد يد العون له وغخراجه من تلك الحالة، وهنا نجد لغة سينمائية راقية تشبع المشاهد الذى يجد رسالة رقيقة بين ثنايا المشاهد مفادها أنه يجب على من يعرف مريضاً أن يشعر بآلامه ويحتمل عصبيته، ودائماً يحرضه على الأمل فى الحياة والخروج لها.

ورغم أن تلك المحاولات قد تبدو غير مقبولة أو مستحبة من البطل أو نقل الحالة الموجودة فى الفيلم ألا أن الإصرار عليها تؤتى بنتائج إيجابية، وكان هذا الإصرار على يد نادرة – لبلبة – شقيقة حسين التى تختلق الحجج للإقامة معه لرعايته وتغيير مناخ الفيلا الذى بات كئيباً لا يصلح للإقامة فهى بدأت بالفعل فى فتح النوافذ وتنظيف الفيلا والاهتمام بالحديقة وغيرها من السلوكيات الدالة على حالة الصراع بين نادرة المقبلة على الحياة وشقيقها حسين الذى يرفض دائماً ما تقوم به معللاً لها ذلك بأنه يرتاح فى وضعية الفيلا كما هى .

الصراع كان من حسين بمفرده من جانب ونادرة وأطراف أخرى من جانب آخر فمثلا نجد سيف حفيد نادرة يرتبط بفتاة ويعزف الموسيقى، ومثل بعض شباب جيله يدخن الحشيش ظناً منه أن المهندس حسين رجل عجوز لن يعى ما يدور حوله إلا أن الأخير يفاجىء الشاب بوعيه الكامل فتراه يمنعه وصديقته من الاختلاء فى غرفة واحدة، ويحذره من تدخين الحشيش بعد أن يتذوقه ويلقيه على الأرض بسبب نوعيته الرديئة ويخرج قطعة حشيش جيدة النوع يهدى به حفيد شقيقته الذى يفاجئه حسين أيضاً بأنه يعزف الموسيقى، إنها محاولات يتذكر من خلالها حسين من وجهة نظره أنه يوما ما كان على قيد الحياة .

ونجد أيضا سناء – أروى جودة – ابنة صديق قديم للمهندس حسين، والتى تحبه ولكنها لا تعرف حقيقة مرضه ولكنها تغير نظرته الجامدة والحادة فى الحياة بشكل جذرى، وهناك أيضاً هناء – هبة يسرى- الفتاة التى تقوم بتمريض حسين وسط تلال العقاقير العلاجية التى يتناولها وهى تبدو بداية حية لحياة جديدة، وهو ما يجعل حسين يذلل لها عقبات الزواج وهنا كانت بداية أخرى عند حسين الذى دب الأمل بأوصاله وعروقه من جديد فى أخر مشهد بالفيلم خارجاً من الفيلا التى شهدت كل الأحداث وذلك بسيارته القديمة وسط حفيد شقيقته وصديقته فى رمزية لضرورة استمرار الحياة مهما كانت درجة قسوة المرض، ولتكون العودة للحياة خارج " فيلا 69 " وهو اسم الفيلم الذى يعد شهادة للمخرجة الواعدة آيتن أمين فى أولى تجاربها الروائية الطويلة بعد العديد من التجارب الناجحة مع تجارب الأفلام القصيرة، وفيما يخص أداء خالد أبو النجا فهو يتسم بصدق واقتدار شديدين، حيث قدم سمات ومفردات الشخصية التى لا تتناسب مع عمره الحقيقى بدرجة أذابت كل الفوارق، وكانت لخبرة لبلبة اعطاء التجربة ثقلاً مطلوباً كما اضفى وجود أروى جودة رشاقة مطلوبة ضمن أحداث الفيلم .



تعليقات