رائد الواقعية (صلاح أبو سيف) في مئويته.. لم يستطع أحد استكمال مدرسته

  • مقال
  • 05:08 مساءً - 10 مايو 2015
  • 6 صور



صورة 1 / 6:
صلاح أبو سيف
صورة 2 / 6:
صلاح أبو سيف مع سعاد حسني
صورة 3 / 6:
أثناء تصوير أحد أفلامه
صورة 4 / 6:
كواليس المواطن مصري
صورة 5 / 6:
صلاح أبو سيف مع فاطمة في كواليس الزوجة الثانية
صورة 6 / 6:
كواليس أحد أفلام صلاح أبو سيف

حين نتحدث عن الواقعية وصدقها، لابد أن نتحدث عن مخرج من أعظم ما أنجبت السينما المصرية، إنه المخرج الرائع صلاح أبو سيف، صاحب الروائع السينمائية الكبيرة التي اتخذت لنفسها حيز في القلوب والنفوس لما لها من مصداقية ومساسًا بواقع المواطن ومشكلاته.

نشأته

منذ قرن من الزمان ولد صلاح أبو سيف في قرية "الحومة" بمركز الواسطى بمحافظة بني سويف، وفي بداية شبابه انتقل إلى محافظة الغربية حيث عمل بمصانع النسيج المنتشرة بالمحلة الكبرى، لكنه في نفس الوقت كان محبًا للفن والسينما وعندما التقى بالمخرج الرائع نيازي مصطفى ووجد فيه هذا العشق والولع للسينما ساعده على الانتقال إلى القاهرة، حيث استوديو مصر وصناعة السينما، ومع زيادة رغبته في التعمق وتعلم السينما سافر إلى أوروبا للدراسة فسافر إلى فرنسا وإيطاليا.

خلال عام 1939 اضطر أبو سيف للعودة إلى القاهرة من فرنسا بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية، وبعد عودته إلى مصر بما يقرب من خمس سنوات قام بإخراج أولى تجاربه الروائية " دايمًا في قلبي"، تحديدًا في عام 1946، وبعدها سافر إلى إيطاليا وعاد منها عام 1950 ليقوم بإخراج النسخة العربية من فيلم " الصقر" بطولة عماد حمدي و فريد شوقي و سامية جمال.

الواقعية لدى أبو سيف

كان لدراسته في إيطاليا أثرًا كبيرًا في حياة صلاح أبو سيف العملية، فكانت الواقعية الإيطالية إنذاك هي الاتجاه الذي فضل أبو سيف أن يسير عليه، والواقعية عند أبو سيف هي رصد للواقع لكن ليس مجردًا، فلابد أن تتدخل بفكرك ومجهودك ورؤيتك حتى تخرج هذا الواقع في صورة عمل فني مفيد للجمهور وينم عن بصيرة المخرج وأن الواقع هو عبارة عن ظواهر تحدث في المجتمع لا بد أن تتغلغل بداخلها، وهذا ما ظهر جليًا في أفلامه مثل " ريا وسكينة" و" القاهرة 30" و" الفتوة" و" الزوجة الثانية" و" بداية ونهاية".

وكانت من أدوات أبو سيف في مدرسته الواقعية أنه لم ينغلق على الاستديوهات المغلقة التي يستخدمها المخرجين الآخرين في التصوير بل قام بصولات وجولات داخل الشوارع المصرية والحارات والأزقة، لأنها هي الواقع الفعلي للمجتمع.

أبو سيف ومحفوظ ثنائي الإبداع

كان لصلاح أبو سيف فضل كبير في تعليم الكاتب الكبير نجيب محفوظ فن كتابة السيناريو، فكان يحضر له الكتب الأجنبية المهتمة بهذا الشأن، ودار بين الثنائي العديد من حلقات النقاش حتى خرجوا لنا بأعمال كانت بمثابة روائع فنية وسينمائية. البداية في هذه التجربة كانت بإعجاب صلاح أبو سيف بروايات نجيب محفوظ وأولها "القاهرة الجديدة" عام 1938 وروايات أخرى، بعدها بدأ التعاون بينهما من خلال كتابة مجموعة من أروع أعمال السينما المصرية بدايةً من " المنتقم" و" مغامرات عنتر وعبلة" و"القاهرة 30" و"الفتوة" و"ريا وسكينة" و" الوحش" و" بين السما والأرض" و" مجرم في أجازة" و" أنا حرة" و"بداية ونهاية".

أبو سيف إكسترا مهارات

صلاح أبو سيف لم يكن مخرجًا قديرًا أو مونتيرًا بارعًا وفقط بل عمل كسيناريست ومنتج أيضًا، وقدم في كل هذه المهام أداءً متميزًا، فعمل المخرج الكبير فترة كمونتيرٍ باستوديو مصر حتى أصبح رئيس قسم المونتاج، وقام بعمل المونتاج للعديد من الأفلام مثل " قضية اليوم" و" نداء القلب" و" سيف الجلاد" و" غرام وانتقام" و" الحياة كفاح" و" شهر العسل"، كما أن هناك جزءًا كبيرًا في حياة أبو سيف يتم إغفاله من قِبل الكثيرون وهو أنه كان كاتبًا وسيناريستًا رائعًا، فقام بكتابة العديد من الأعمال الرائعة مثل " البداية" و" وسقطت في بحر العسل" و" السيد كاف" و" النعامة والطاووس" و"الزوجة الثانية" و"الفتوة" وقام بالمشاركة في السيناريو والحوار أو القصة لمعظم الأعمال التي قام بإخراجها.

أبو سيف يصطدم بالسياسة

اصطدم صلاح أبو سيف في العديد من المرات بالسلطة الحاكمة، وهو ما كاد أن يؤدي إلى منع أفلامه، فالبداية مع فيلمه "العمر واحد" والذي كان يتحدث عن الأطباء فتعرض لهجوم شديد بسبب غضب الأطباء مما دفعه لتغيير اسم الفيلم إلى " نمرة 6"، وفي مرة ثانية تعرض أبو سيف لهجوم عنيف خلال عام 1968، حين رصد الواقع المؤلم بعد نكسة 1967 من خلال فيلم "القضية 86"، حيث تعرض لهجوم شديد من رجال الاتحاد الاشتراكي، وانتقد أبو سيف في فيلمه النظام السياسي وأعاد إليه السبب في الفساد والهزيمة، مما عرضه لهجوم وصل إلى ضربه بأحد العروض.

تأثير نشأته الريفية على أفلامه

لا نستطيع أن ننسى أنه صانع أحد أهم عملين تناولا الريف المصري، وهما " الزوجة الثانية" و" المواطن مصري"، فمن خلالهما قدم أبو سيف الوجه الحقيقي للريف المصري خلال تلك الفترة، وأظهر سيطرة العمدة وهو زعيم القرية والوصي على أهلها وكيف جسد الظلم والمعاناة التي كان يعيشها الفلاح من خلال دور شكري سرحان في "الزوجة الثانية" و عزت العلايلي و عبدالله محمود في " المواطن مصري"، وأيضًا قدم الصورة الحقيقية للفلاحة المصرية ومعاناتها في الحقول، بجانب الحياة الزوجية وتربية الأطفال.

قام العديد من المخرجين بعد صلاح أبو سيف بمحاولة السير على نهجه لكن لم يستطيع أحد أن يصل إلى قدر مصداقيته وواقعيته، وكان في مقدمة المخرجين الذين حاولوا إكمال مسيرته عاطف الطيب و محمد خان و داوود عبد السيد و أسامة فوزي.

قدم أبو سيف خلال مسيرته أكثر من أربعين عملًا اتسمت معظمها بالواقعية لكن تخللها موجات واتجاهات أخرى، منها فيلم " الوسادة الخالية" الذي جسد أعظم الأعمال الرمانسية من بطولة عبد الحليم حافظ و لبنى عبد العزيز، ونال أبو سيف العديد من الجوائز واﻷوسمة عن أعماله العظيمة، وفي صباح يوم 22 يونيو عام 1996 رحل عن عالمنا لتظل أعماله تخلد ذكراه!



تعليقات