ملحمة "باتمان ضد سوبرمان".. كثيرٌ من الفوضى والرسائل الخفيّة

  • نقد
  • 10:08 مساءً - 28 اغسطس 2016
  • 5 صور



إحدى بوسترات الفيلم

"باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة"، بالطبع هو أحد الأفلام التي كانت منتظرة بقوة هذا العام من الجماهير الغفيرة التي كانت تتجمع لمناقشة أي خبر أو إعلان أو لقطة صغيرة تكون متاحة على صفحات الإنترنت متحمسين لمشاهدة بطلين خارقين كبيرين مثل باتمان وسوبرمان يجمعهما فيلمًا واحدًا لأول مرة، وقد نجح الفيلم بطريقة مذهلة في عرض الصراع الفكري والروحاني لاثنين من أكثر الأبطال المحببين لقلوب الجمهور في عالم الكتب الهزلية.

قصة الفيلم مبتكرة ومختلفة تمامًا عما شاهدناه من قبل في جميع أفلام الأبطال الخارقين، حيث يبدأ الفيلم أحداثه المثيرة بمشهد يستعيد فيه بروس واين المعروف بـ"باتمان" ويؤدي دوره بين أفليك، ذكرياته عندما كان طفلًا حيث كان شاهدًا على موت والديه عن طريق جريمة قتل مدبرة بواسطة سلاح ناري، بعد هذه الصدمة حاول الهرب ولكنه وقع في حفرة ليواجه مجموعة كبيرة من الخفافيش تلتف حوله وتأخذه من الحفرة إلى النور في مشهد رائع ليصبح بعد ذلك باتمان أو الرجل الخفاش، في المشهد التالي وكنتيجة للنهاية المدمرة التي حدثت في فيلم Man of Steel أو "رجل من حديد"، الذي صدر في عام 2013، توجه الفيلم بنا إلى مدينة متروبوليس حيث المكان الذى شهد المواجهة الحاسمة بين كلارك كينت المعروف بسوبرمان "هنري كافيل" والجنرال زود "مايكل شانون"، ولكن هذه المرة من وجهة نظر بروس واين، والذي شاهد بعينيه دمار مكتبه في متروبوليس وموت المئات من الموظفين الذين يعملون لديه ليقرر باتمان بعدها الانتقام وملاحقة سوبرمان والذي بدوره أيضًا، يسعى خلف باتمان بسبب أسلوبه في قتل المجرمين ضاربًا بالقوانين عرض الحائط وذلك قبل أن يتحالفا في النهاية ضد الشرير ليكس لوثر "جيسي آيزنبرج".

المرأة المعجزة

الفيلم كان عميقًا بقوة يحتاج إلى مشاهد ذو عين بصيرة وقدرة كبيرة على التركيز لاستيعاب أحداث الفيلم الكثيفة والمتلاحقة، كل مشهد لديه قصة يرويها، فعندما تشاهد فيلم مثل "باتمان ضد سوبرمان" فتأكد بأنك ستشاهد كثيرًا من الفوضى بالإضافة إلى طاقم تمثيلي كبير ورسائل خفية للفيلم تكتشفها مع تتابع الأحداث المزدحمة بالحركة والمغلفة بالدراما لكن بعيدًا عن مشكلة سير الأحداث بالرواية، فقد استمتعت بمشاهدة خدع بصرية عظيمة ومشاهد قتالية استثنائية من الدرجة الأولى، أيضًا الموسيقى التصويرية للفيلم كانت ساحرة لكني لم أتفاجأ كثيرًا لأن المبدع هانز زيمر، كان يقف خلفها، أما عن الأداء التمثيلي فجميع الشخصيات الرئيسية قامت بأدوارها على أكمل وجه بالرغم من أنه كان لدي بعض الشكوك قبل عرض الفيلم حول تجسيد بين أفليك، لشخصية باتمان، لكنه كان رائعًا جدًا، أيضًا أحببت هنري كافيل، في أداء شخصية سوبرمان، كما أعجبتني قوة الشخصية التي كانت تتميز بها الوافدة الجديدة على هذا العالم جال جادوت، عند أدائها دور المرأة المعجزة، ولكن الأداء الأبرز من وجهة نظري كان من نصيب جيسي آيزنبرج، والذي قام باحترافية شديدة بتجسيد شخصية ليكس لوثر، والذي كان نرجسيًا يقوم بأعمال فوضوية فقط من أجل الفوضى، شديد الغيرة من سوبرمان وباتمان ويريد قتلهما حتى لو كان ذلك في مقابل دمار العالم كله، شخصيًا، أعتقد أن شخصية الجوكر التي جسدها الراحل هيث ليدجر، في فيلم "فارس الظلام" عام 2008، كانت تهيمن بشكل واضح على عقل جيسي عند أداءه شخصية ليكس لوثر.

بوستر الفيلم

عندما يكون لديك باتمان وسوبرمان بالإضافة إلى المرأة المعجزة مجتمعين في فيلم واحد، سيكونون في حاجة ماسة بالتأكيد إلى أشخاص ووحوش شريرة لمقاتلتهم ولم يكن هناك أفضل من الوحش الضخم المخلوق بواسطة الشرير ليكس لوثر عن طريق مادة كريبتونية مستخرجة من جثة الجنرال زود، خلال المعركة المثيرة بين الثلاث أبطال ضد الوحش الكريبتوني، تناول سوبرمان الرمح الكريبتوني وهو السلاح الوحيد الذي بإمكانه قتل أي مخلوق من مادة الكريبتون ودفعه مباشرةً في قلب الوحش الذي بدوره استطاع أن يقهر سوبرمان في نفس المشهد عندما طعنه بيده ليُحدث فجوة في صدره، وتصبح نهاية مأساوية لعشاق البطل الخارق سوبرمان الذي كان موته هو الحدث الأبرز في الفيلم.

أداء يستحق الإشادة من جيسي آيزنبرج

فكرة موت سوبرمان تمت استعارتها من أحد الكتب الهزلية القديمة باسم "موت سوبرمان" والذى تم إصداره في عام 1992، ولكن لماذا يقررون أن يموت سوبرمان بهذا الشكل وفي هذا التوقيت بالذات وهل هذه ستكون نهاية سوبرمان للأبد ولن نستطيع أن نراه مرة أخرى؟ في أحد الحوارات الصحفية مع المخرج زاك سنايدر، قام بالرد على كل هذه التساؤلات وقال "إن نهاية الفيلم تم تصميمها لإظهار أن سوبرمان كان دائمًا على استعداد للتضحية بنفسه مقابل إنقاذ الآخرين، لقد كنا مجبرين على قتل سوبرمان في هذا الفيلم لعرض جدية الرسائل التي نقدمها لكن هذا ليس معناه بأن سوبرمان سيختفى للأبد"، وهذا في إشارة منه لطمأنة جماهير سوبرمان، ولكن إذا قمت بتحليل أداء سوبرمان في هذا الفيلم ستواجه العديد من علامات الاستفهام والتعجب التي كانت تحوم حول شخصيته فتجده دائمًا بعيدًا عن الناس لا يتحدث كثيرًا وكان شديد التركيز مع باتمان وأفعاله غير القانونية، وازداد هذا التركيز أكثر بعد الصور التي أرسلها إليه ليكس لوثر، عن المجرمين الذين طبع عليهم باتمان شعاره، ولكن ما لم أفهمه حقًا هو لماذا قام سوبرمان بإنقاذ لوثر من الضربة الموجهة له من الوحش الكريبتوني في نهاية الفيلم بدون أي سبب واضح بالرغم من أن لوثر اختطف أمه وحبيبته للتو ليقوم سوبرمان بإنقاذ حبيبته من موت محقق ولكن أمه مازالت رهينة مما جعله يتوقف عن قتل لوثر، ولكن الآن وبعد أن قام باتمان بإنقاذ والدة سوبرمان من عصابة لوثر لم يسمح للوحش الكريبتوني بإلحاق أي ضرر بالشرير لوثر.

بالانتقال للحديث عن الشخصية الرئيسية الثانية، باتمان، البطل الأكثر واقعية والذي لا يحتاج إلى قوى خارقة مثل سوبرمان لإنقاذ شعبه، إلا أنه كان دائمًا أحد الشخصيات السوداوية في عالم القصص الهزلية، لكن فيلم باتمان ضد سوبرمان انتقل بهذه السوداوية إلى مرحلة أعلى، نسخة بين أفليك، الذي كان خير خلف للنجم كريستيان بيل، هي الأكثر تشاؤمًا وعدوانية على الإطلاق بعد أن فقد أقرب الناس إليه في بداية الفيلم، وهي الحادثة التي صنعت منه بطلًا خارقًا بلا قلب، لا يرحم أعداءه، يطبع شعاره على أجسادهم ليعود مرة أخرى ويقتلهم، حتى أنه كان على وشك قتل سوبرمان الجريح ولكنه تراجع عن ذلك بعد أن طلب منه سوبرمان إنقاذ والدته "مارثا" المحتجزة كرهينة في قبضة ليكس لوثر، والتي جعلت باتمان يتذكر والدته الميته "مارثا" أيضًا، والذي أرى بأنه كان طرحًا غبيًا من الفيلم، ليعلم باتمان وقتها بأن لوثر كان يتلاعب بهما ويتعامل مع سوبرمان كإنسان لديه روابط حقيقية، وبعد وفاة سوبرمان بأيدي الوحش، يبدو أن باتمان قد أدرك تمامًا أسلوبه الخاطئ وأن إيمانه بالإنسانية قد عاد مرة أخرى عندما أخبر المرأة المعجزة بأن الإنسان مازال يمتلك الخير بداخله.

لقطة من الفيلم تجمع بروس واين وكلارك كينت بدون قوى خارقة يتحدثان مع ليكس لوثر

هذا الفيلم تحديدًا يمكنك أن ترى من خلاله السياسة الواضحة لشركة DC والتي تحاول صناعة عالم خاص بها، حيث أن الفيلم يربط بين فيلم "رجل من حديد" وأفلام أخرى كثيرة قادمة، فلا يمكن اعتبار أن "باتمان ضد سوبرمان" جزءًا ثانيًا صريحًا من فيلم "رجل من حديد" الذي تم إنتاجه في عام 2013، ولكنه بالتأكيد تابع له ويشترك معه في بعض الأبطال مثل هنري كافيل "سوبرمان" وإيمي آدامز "لويس لين" وأيضًا نفس المخرج العبقري زاك سنايدر، والذي قام بإعداد فيلم "باتمان ضد سوبرمان" ليكون بمثابة قاعدة صواريخ في مخطط مشاريع إمبراطورية DC السينمائية، والتي ستبدأ بسلسلة أفلام Justice League أو "دوري العدالة"، والتي تم الإعلان عن إصدار جزئها الأول في نوفمبر 2017، وجزئها الثاني في يونيو 2019، وسيقوم ببطولة تلك السلسلة نفس الأبطال بنفس مسمياتهم هنري كافيل "سوبرمان"، بين أفليك "باتمان"، جال جادوت "المرأة المعجزة"، آيمي آدامز "لويس لين"، جيسي آيزنبرج "ليكس لوثر"، وجيمى آيرونز "الفريد بينيورث"، بالإضافة إلى الشاب الصاعد بقوة النجم جاريد ليتو، والذي سيقوم بدور الجوكر، وهو نفس الدور الذي ظهر به في بطولة فيلم Suicide Squade أو "الفرقة الانتحارية"، والذي تم طرحه بالسينمات مؤخرًا من إنتاج شركة DC أيضًا، وثمة نقاط أخرى مرتبطة بنفس هذا العالم أيضًا، حيث أنه تم الإعلان عن إصدار فيلم خاص ومستقل للمتألقة جال جادوت، يحمل اسم "المرأة المعجزة" في يونيو 2017، كما أنه بخلاف ظهور بين أفليك، مجسدًا شخصية باتمان كضيف شرف في فيلم "الفرقة الانتحارية"، هناك تأكيدات بوجود فيلم مستقل لباتمان ويقوم بكتابته بطل الفيلم بين أفليك بنفسه، ومن المنتظر إصداره في عام 2019، وأتوقع شخصيًا نجاحًا ساحقًا لبين أفليك، في سلسلة Justice League، بعد تصريح المخرج زاك سنايدر، عندما قال إنه يريد أن يكون باتمان هو المحور الرئيسي لهذه السلسلة.

وبالرغم من التصرفات غير المنطقية والأخطاء الفادحة، التي وقع في فخها العمل، إلا أن النقاط الإيجابية تفوق النقاط السلبية في ميزان تقييمي للفيلم، وبالرغم أيضًا من المقالات والمراجعات الكثيرة التي انتقدت الفيلم لتضعه في مرتبة ضعيفة، إلا أنني أرى أن تلك المراجعات غير منصفة ولا أعلم لماذا حصد الفيلم كل تلك الكراهية، لقد كنت أؤمن دائمًا بأن أفلام الأبطال الخارقين تبعث الأمل بالمشاهدين، خاصة لمن تعرضوا لأى شكل من أشكال الظلم، وتوحي لهم بأن هناك من سيقوم بإرساء العدل والخير في حياتهم، ولكننا لا يجب أن ننتظر هذا الشخص بل يجب على كل شخص منا أن يبدأ بنفسه أولًا، فهناك من هو منهزم داخليًا قبل أن تهزمه الحياة، لذلك تفاءلوا بالخير تجدوه وابحثوا عن الجمال خلف سلبياتكم وضعوا أيديكم على عيوبكم، حتى تستطيعون معالجتها، فليس من المفترض أن يكون من بيننا باتمان أو سوبرمان.




تعليقات