ما تيجي نشوف.. جرس إنذار للعلاقات الزوجية

  • نقد
  • 03:42 صباحًا - 9 نوفمبر 2023
  • 1 صورة



الإنسان كالبحر، عندما تراه من السطح تستمتع برؤية منظره و بصوت الأمواج، ولكن عندما تغوص في أعماقه أكثر وأكثر تصطدم بالحيتان وأسماك القرش، وكذلك الإنسان، فكلما تنغمس في باطنه تجد ما لم تكن تتوقعه من شر وحقد وكذب وتناقضات داخلية، هكذا، وبصوت الكاتب مصطفى محمود اختُتمت آخر حلقة من مسلسل ما تيجي نشوف المستوحى من روايته 55 مشكلة حب التي تعتبر من أفضل الأعمال التي تم عرضها هذا العام وحققت أعلى نسبة مشاهدة خارج السباق الرمضاني، وذلك لعدة أسباب أهمها أنها الأكثر واقعية، وتشعرك بأنك داخل كل أسرة وكل منزل، وسط زخم أعمال كثيرة بعيدة عن الواقع ومليئة بالعنف غير المبرر، بالإضافة إلى أنه يسلط الضوء على مشاكل الطبقة الثرية التي يعتقد الكثيرون أن حياتهم هادئة خالية من المتاعب، ولكن هذا غير صحيح. يتضمن المسلسل رسائل كثيرة ومختلفة تعتبر بمثابة صرخة إنذار للعلاقات الزوجية، حيث تدور أحداث المسلسل حول مجموعة من الأصدقاء يقررون قضاء إجازة صيفية، فيستأجرون فيلا كبيرة يسكنون فيها سويًا، وهذه أول رسالة للعمل بأنه لا بد من أن يكون هناك خصوصية للأسرة وألا تكون الأبواب مفتوحة على مصاريعها مهما كانت درجة القرابة، فلا مانع من وجود الصداقة والاختلاط و قضاء وقت ممتع سويًا بشرط أن تغلق كل أسرة بابها على نفسها آخر الليل بالإضافة إلى أنه لا بد من أن يكون هناك حدود وخطوط حمراء بين الأصدقاء سواء من النساء أو الرجال، مثل ما حدث لهنا شيحة التي فتحت أبواب منزلها لصديقتها وجارتها وائتنمتها على أدق أسرار حياتها، حتى خانتها مع زوجها، نفس الأمر الذي حدث مع نهى عابدين التي أدت ظروفها النفسية إلى رواية جميع أسرارها العائلية ومشاكلها مع زوجها لزميلها في العمل الذي اتخذته أخًا وصديقًا، بينما اتخذ هو مفهوم الصداقة بشكل خاطئ وطاردها بحبه وأشعل الخلافات بينها وبين زوجها. الرسالة الثانية الموجهة من العمل هي التغيير المفاجئ في الشخصية وأسلوب التفكير، والمتمثلة في إسلام جمال الذي يعتبر من أهم شخصيات العمل، وهو الإنسان الحائر بين الخطأ والصواب ومفهوم الحلال والحرام، الأمر الذي يصيب الشخص عندما يواجه نفسه وصراعاته النفسية، فيعيد ترتيب أوراقه وحساباته، وهذا ما حدث لإسلام جمال بعد أدائه فريضة العمرة، ولكن الخطأ الذي يقع فيه الإنسان في هذه المرحلة هو أنه يريد تغيير كل شيء وكل من حوله بشكل سريع دون النظر إلى عواقب الأمور وهل المحيطون به مجبرون على أن يكونوا جزءًا من هذا التغيير، مثل ما حدث لزوجته نهى عابدين التي رفضت تصرفاته وفرض إرادته لتغيير حياتهم، مما أدى إلى تعرضها إلى ضغط شديد يهدد حياتهم. ثالثًا الشك الزائد وعدم الثقة، والذي يدمر العلاقة الزوجية، من خلال شخصية هنا شيحة التي تراقب زوجها باستمرار وتتبعه في كل شيء حتي يصل بها الأمر إلى أن تضع له برنامج تتبع على الهاتف المحمول، بمعنى آخر أصبح زوجها هو محور حياتها، مما يعتبر غير صحي نفسيًا ويشكل ضغطًا على الزوج، وعلى الرغم من كل هذا فلم يمنعه ذلك من خيانتها مع أقرب صديقة لها. واستخلص أبطال العمل في اجتماعهم الأخير عدة دروس مستفادة من كل الأحداث التي مروا بها طوال المسلسل، أهمها أن الإنسان لا بد من أن يرى الصورة كاملة وليس من زاوية واحدة وأن هناك دائمًا فرصة للتسامح أو بداية جديدة في أي مرحلة وأن الأمور دائمًا يتم حلها من جانب الطرفين بأن يتنازل كل طرف بعض الشيء من أجل إسعاد الآخر حتى يتقابلا في منطقة وسط من أجل استمرار الحياة، كل هذا جاء مع سيناريو محكم مكتوب بحرفية شديدة وسرعة إيقاع ومباراة في الأداء التمثيلي بين جميع الفنانين على الرغم من أنهم ليسوا نجوم صف أول.



تعليقات